العالم - الاردن
وتزامنت تصريحات لوزير المالية محمد العسعس أخيراً، مع صدور تقرير للبنك الدولي نهاية مايو/ أيار الماضي، حول الانعكاسات السلبية لارتفاع أسعار الكهرباء على الاستثمارات القائمة والتأشير إلى خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه، ما يعني هروب الاستثمارات وتراجع تنافسية المنتجات الأردنية محلياً وخارجياً.
وأكد الوزير الأردني أن الحكومة تدرك أن أسعار الكهرباء للقطاعات الإنتاجية هي إحدى عوائق النمو الاقتصادي في المملكة، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى لإجراء ما يلزم لتخفيضها من خلال خفض التكاليف وإعادة النظر في هيكلية قطاع الطاقة في ظل رغبتها في تحقيق نمو اقتصادي وخلق الوظائف.
ووفق البنك الدولي، فإن الحكومة الأردنية ملتزمة بخطة مدتها 3 سنوات ابتداء من العام الجاري لتعديل تعرفة الكهرباء وخفض التكلفة العالية للكهرباء على الشركات.
وأثار هذا الأعلان قلقاً بشأن زيادة قيمة فواتير الاستهلاك المنزلي. لكن مسؤولا حكوميا رفيعا ، قال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تتجه لإعادة النظر في شرائح الاستهلاك، خاصة التي تتعلق بالاستخدامات المنزلية، مشيرا إلى إمكانية خفض أعداد الشرائح واحتمال دمج بعضها بأخرى.
واستبعد المسؤول أن يتم بموجب هذا الإجراء رفع أسعار الاستهلاك المنزلي خلال الفترة المقبلة، لكن خبراء اقتصاد يتوقعون ارتفاع قيمة الفواتير، خاصة إذا تم دمج شرائح بأخرى أعلى قيمة حسب الاستهلاك.
وتعتبر الحكومة الاستهلاك لغاية 300 كليوواط شهرياً موجهاً للشرائح الفقيرة ومتدنية الدخل، حيث يتم احتساب سعر الكيلوواط بمبلغ 32 فلسا ويرتفع تبعا للشرائح الأعلى.
وتبدو الحكومة في مأزق بين الاستجابة لمطالب المقرضين، أو مواجهة ردود فعل شعبية غاضبة، خاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا التي فاقمت الظروف المعيشية للكثيرين.
وقال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار الطاقة، لا سيما الكهرباء يعتبر من أهم التحديات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الأردني، حيث إنها تشكل نقطة ضعف بالنسبة لبيئة الاستثمار ويؤثر على الميزات التنافسية لها.
وأكد هنطش، ضرورة تخفيض الحكومة لأسعار الكهرباء على المستثمرين بخاصة القطاع الصناعي، والسماح لهم بتركيب أنظمة خلايا شمسية تفاديا لخسارة الاستثمارات وضعف البيئة الاستثمارية.
أسعار الطاقة في القطاع الصناعي شهدت ارتفاعا كبيرا مقارنة مع دول الجوار وخصوصا أسعار الكهرباء، ما أضعف تنافسية المنتجات الصناعية الأردنية في مواجهة السلع المستوردة
بدوره، قال نائب رئيس غرفة صناعة عمان السابق، موسى الساكت، إن ارتفاع أسعار الطاقة يؤثر أيضا بشكل سلبي على تنافسية السلع الأردنية في الأسواق التصديرية بسبب ارتفاع قيمتها، وهو ما يضعف قدرة الأردن على التحول إلى بلد منتج.
وأضاف أن أسعار الطاقة في القطاع الصناعي شهدت ارتفاعا كبيرا مقارنة مع دول الجوار وخصوصا أسعار الكهرباء، ما أضعف تنافسية المنتجات الصناعية الأردنية في مواجهة سلع مستوردة من بلدان تتمتع بكلف إنتاج أقل بسبب الطاقة.
وأكد الساكت أن الطاقة تعد مدخل إنتاج رئيسيا لجميع القطاعات الصناعية، حيث يبلغ استهلاك القطاع الصناعي نحو 17% من الطاقة المستهلكة بشكل مباشر في الأردن، فيما تشكل كلف الطاقة 35% بالمعدل لمختلف القطاع الصناعي وتصل في قطاع الصناعات البلاستيكية إلى 45 بالمائة.
وأشار الساكت إلى أن القطاع الصناعي من أكثر القطاعات حاجة للتوجه نحو استغلال مصادر الطاقة المتجددة لتغطيته احتياجاته من الطاقة خصوصا في ظل تناقص تكلفة استغلال الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء حيث انخفضت فاتورة الكهرباء الشهرية لأكثر من 70% في بعض المصانع التي استثمرت بمجال الطاقة الشمسية، لكن محدودية القدرة الاستيعابية على شبكة التوزيع الكهربائي تحول دون توجه المزيد من المصانع نحو الطاقة المتجددة.
وفي مقابل توصيات البنك الدولي بالعمل على خفض كلفة الطاقة للقطاعات الاستثمارية، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن مؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين تواصل ضغوطها على الحكومة الأردنية لأجل رفع أسعار الكهرباء على كافة الشرائح والفئات من المواطنين لتخفيض عجز الموازنة الذي يعاني منه الاقتصاد الأردني.
وأضاف عايش أن ذلك يأتي في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد الأردني بحالة انكماش تفاقمت بسبب جائحة كورونا وتداعياتها، مشيرا إلى أن رفع الضرائب والأسعار، بما فيها الكهرباء، سيعمق حالة التراجع التي يعاني منها الوضع الاقتصادي.
وأكد ضرورة إعادة النظر بالإجراءات التي تعيق قدرة الشركات الصناعية وغيرها على تركيب أنظمة خلايا شمسية لتخفيض الكلف والحيلولة دون انخفاض أعداد الاستثمارات القائمة.
الذهاب الى مصدر الخبر